علامات التذكير والتأنيث

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
ها أنتا اليوم بصدد تقديم لمحة موجزة عن علامات التذكير والتأنيث في اللغة العربية وأرجوا ان تستفيدوا .......
في أمان الله

علامات التذكير والتأنيث.

فرّقت العربية في التعبير بين المذكّر والمؤنث، فتركت المذكّر على حاله، ووضعت للمؤنث علامات يًُعرف بها سمّيت:" علامات التأنيث"، اختلف النّحاة في عددها فمنهم من قال بأنّها خمس عشرة علامة، ومنهم من قال بأنّها ثمانية علامات، ومنهم من قال بأنّها ثلاثة، أمّا عن سبب إتيان العرب لهذه العلامات للتفريق بين المذكّر والمؤنث، فكان لخوفهم أن تكثر عليهم الألفاظ، فاختصروا ذلك بهذه العلامات، رغم هذا فالعربية تحتوي على ألفاظ تحمل مميّز التأنيث وهي مذكّرة نحو: طلحة، وألفاظ أخرى لا تحمل مميّز التأنيث وهي مؤنثة نحو: زينب.

1- علامات التذكير.

من خلال هذا العنوان، يتبادر للذهن بأنّ المذكّر له علامات خاصة، كما هو الحال بالنسبة للمؤنث، وهنا نقول بأنّ المذكّر لا يملك علامات معيّنة تميّزه عن التأنيث، وها هو "مازن المبارك" يبرّر عدم وجود علامات للتذكير بقوله:<< وفرّقت العربية في التعبير بين المذكّر والمؤنث، فتركت المذكّر على حاله وأصله، ووضعت للمؤنث علامات يًُعرف بها، سمّيت علامات التأنيث، كما فرّقت بينهما بأسماء الإشارة، فأشارت للمذكّر بهذا وإلى المؤنث بهذه وكان الأصل أن يوضع لكلّ من المذكّر والمؤنث اسما خاصا به كالغلام والجارية>>[1].

ولا يبتعد "عصام نور الدين" عن هذا الرأي بقوله:<< من هذا الفهم جعل النّحويون العرب التذكير أصل الأشياء كلّها، لأنّ كل مؤنّث شيء، والشيء يذكّر، فالتذكير أول، وهو أشدّ تمكنا، لأنّ الأول أشدّ تمكنا عندهم والشّيء يختصّ بالتأنيث فيخرج من التذكير، ولذلك استمر المذكّر بغير علامة للتذكير، بل ليست للتذكير علامة، لأنّه الأوّل، وألحقوا في أكثر المؤنث من الأسماء والصفات إحدى علامات التأنيث>>[2].

ويعود مصطلح علامات التذكير لـ"سيبويه" وذلك في قوله:<< هذا باب السّاكن الذي تحرّكه في الوقف إذا كان بعده "هاء" المذكّر الذي هو علامة الإضمار ليكون أبين لها، كما أردت ذلك في الهمزة وذلك قولك: ضربته، وأضربه، وقًُدْه، ومنْه، وعَنْه سمعنا ذلك من العرب، ألقوا عليه حركة الهاء حيث حرّكوا لتباينها>>[3]. واستشهد على ذلك بقول " زياد الأعجم"[4]:

عَجبِْتًُ والدَّهرًُ كَثيرٌ عًُجبًُه من عَنْزيّ سَبَّّّّّّني لم أضربه

فـ"سيبويه" هنا يجعل تحريك السّاكن قبل الهاء في الوقف من علامات التذكير وقد شذّت عن هذه القاعدة لغة "بني تميم"، إذ ذكر "سيبويه" أنّهم<< يقولون قد ضربته وأخذته، كسروا حيث أرادوا أن يحرّكوها لبيان الذي بعدها>>[5].

ومن العلامات:<< أسماء الموصول وأسماء الإشارة والأعداد وفي الأفعال والصفات والحركات>>[6] . فقولنا: (هذا) يعني المذكّّر وهو يميّزه عن المؤنث الذي يًُشار إليه بهذه.

وخلاصة القول في علامات المذكّر أنّها تلحق الفعل أو ترد في سياق الكلام، أمّا الاسم فالأصل أن لا تلحقه علامة.

2- اختلاف النّحاة في تحديد عدد علامات التأنيث.

اختلف النّحاة قديما وحديثا في تحديد علامات التأنيث، فمنهم من جعلها ثلاث علامات، ومنهم من ذهب إلى أنّها علامتان فقط، ومنهم من أكّد على أنّها أربع، ويوجود أيضا من رفع عددها إلى رقم أكبر وهو خمسة عشرة علامة، ويتأكّد هذا الخلاف من خلال هذه الجولة في آراء بعض النّحاة قديما وحديثا.

ونبدأ أولا " بسيبويه" الذي ذهب إلى أنّها ثلاث علامات غير أنّه لم يفرد لها بابا مستقلا , وذكرها في أبواب مختلفة من الكتاب فقال مثلا في باب الممنوع من الصرف: << هذا باب هاءات التأنيث>>[7]. فذكر العلامة الأولى (الهاء)، أمّا الثانية فذكرها في باب مالا يتصرف بقوله:<< هذا باب ما لحقته ألف التأنيث بعد الألف>>[8].

والعلامات عند "ابن السرّاج" علامتين فقط وهما:التّاء والألف، إذ يقول:<< فعلامة التأنيث في الأسماء تكون على لفظين: فأحد اللفظين – التّاء- تبدل منها في الوقف(هاء) في الواحدة، والآخر الألف>>[9].

وهذا رأي "ابن مالك" في ألفيته[10] والتي قال فيها:

علامة التأنيث: تاءٌ أو ألف وفي أسَام قَدَّرًَُوا التَّاء كالكَتف

فهو هنا يحصرها في اثنتين، التّاء والألف، لكنّه يقسّم كلّ واحدة منهما، فالتّاء تكون ظاهرة ومقدّرة، والألف مقصورة وممدودة، فتقسيمه للتّاء وردفي البيت السابق، أمّا تقسيمه للألف فجاء في بيت آخر[11] قال فيه:

وألف التأنيث ذاتَ قَصْر وذَاتَ مَدّ نحو أًُنثَى الغّر

ونقل " السيوطي" عن "الدّهان" رأي " الفرّاء" بقوله:<< قال الفرّاء للمؤنث خمس عشرة علامة، ثمان في الأسماء، وأربع في الأفعال وثلاث في الأدوات:

أ‌- ثمان في الأسماء: الهاء والألف الممدودة والمقصورة والرابعة تاء الجمع في الهندات، والخامسة الكسرة في أنت، والسادسة النون في أنتن وهن، والسابعة التّاء في أخت وبنت، والثامنة الياء في هذى.

ب‌- والتي في الأفعال: التّاء الساكنة في قامت، والياء في تفعلين، والكسرة في قمت، والنون في فعلن، والتّاء الساكنة التي تلحق الأفعال ثابتة لا تنقلب في الوقف نحو: قامت هند وهند قامت، وإذا لحقت الاسم نحو: قائمة وقاعدة أبدل منها الهاء في الوقف فتقول: قائمة وقاعدة.

ج‌- والتي في الأدوات: التّاء في رًُبَت، وتَمَت، ولَآت، والهاء في هَيهَات، والهاء والألف في قولك: إنّها هند قائمة>>[12].

ولم يسلم النّحاة المحدثون من الاختلاف في عدد علامات التأنيث، فالشّيخ "مصطفى الغلاييني" يذهب إلى أنّ عددها ثلاثة علامات، وهو في ذلك مع مذهب سيبويه يقول الشّيخ:<< للتأنيث ثلاثة علامات: التّاء المربوطة، وألف التأنيث المقصورة، وألفه الممدودة، كفاطمة وسلمى وحسناء>>[13]، وهو أيضا رأي "أحمد الهاشمي" الذي يقول: << وعلامات التأنيث ثلاث: التّاء المربوطة (كضاربة) والألف المقصورة (كسلمى) والألف الممدودة (كحسناء)>>[14].

وذهب الدكتور "عصام نور الدين" إلى أنّها ثماني علامات:<< اعلم أنّ علامات التأنيث ثمانية...وهي تاء التأنيث المربوطة، وتاء التأنيث المفتوحة، والألف المقصورة، والألف الممدودة، والألف والتّاء في الجمع، والنّون والكسرة والياء>>[15]

وناصر الدكتور "غالب المطلبي" هذا الرّأي في مراجعته لكتاب "شذا العرف"، إذ يراها ثمانية هي:<< التّاء التي تتحول إلى هاء، والتّاء التي لا تتحول إلى هاء، الألف المقصورة والألف الممدودة، والألف والتّاء الدالتان على جمع مؤنث سالم، النون المشدّدة، الكسرة التي تلحق الضمائر، الياء>>[16].